Friday, November 21, 2014

مواقف عميقة في المستشفى - الجزء الثاني.

بين العلم والإنسانية 

رابط الجزء الأول: malakmarghoub.blogspot.com/2014/11/blog-post_11.html 

سؤال خطر على بال الجميع "مالذي حدث مع مريضة سرطان الثدي؟ كيف نتعامل مع هكذا موقف؟ ماهي الإجابة الصحيحة؟" 
حقيقةً، تعمدت أن لا أذكر ما حدث لكي يعيش كل قارئ الموقف نفسه، وليفكر كل شخص كيف ينقل مثل هذه الأخبار وكيف يتصرف؟ والأهم من هذا كله هو كيف يتعامل مع تساؤلات المريض؟ الكلمة الطيبة الحنونة وحدها لن تجيب على كل الاستفهامات التي تدور في باله؛ لذلك الكلمة وحدها لا تكفي ولا بد من العلم. العلم الكافي الذي سيجيب على كل التساؤلات الواردة، العلم الذي سيعرض كل خيارات العلاج المتوفرة والمناسبة وكيفية التصرف مع المرض ومع أعراضه التي ستظهر لاحقًا. 

هذه الأمور كلها تجعلنا نفكر ماهو دورنا كطلبة؟ دورنا الآن هو أن نُحسِن في دراستنا وتمكننا من المادة العلمية. إن الموضوع لا يقتصر على معلومات نكتبها في ورقة الامتحان لحظتها ثم ننساها تمامًا.. يجب علينا أن ندرس كل كلمة في الكتاب وكأنها حالة طارئة ستقابلنا غدًا! وأن نعامل كل حالة طارئة على أن المصاب هو شخص من عائلتنا. لا يوجد شيء أعظم من أن تعامل مرضاك كأنهم أهلك! وهنا أحب أن أذكر اقتباسًا حفظته عن ظهر قلب من الطبيب نزار باهبري -استشاري أمراض باطنية ومعدية- يقول فيه "أحب مرضاي لأنهم أهلي". 

على قدر أهمية الإنسانية وعلى قدر نُبلها، إنها لا تلغي العلم! بل هي ترافق العلم وتلازمه وكأن العلم والإنسانية وجهان لعملة واحدة. بمعنى مهما كان أسلوبك لطيفًا مع المرضى لتبدو قريبًا منهم هذا لن يغنيك عن أن يكون لديك علمٌ يشخص أمراضهم ويعالجها! والعكس صحيح.. هذا السبب الذي جعلني أرافق المريضة لعيادة طبيبها المعالج دون أن أنقل لها الخبر؛ أولًا لأني لا أملك العلم الكافي، وثانيًا لأني بقدر ماأرغب في مساعدتها فأنا لا أريد أن أسبب لها أي ضرر. 
بعدما حدث الموقف صرت أفكر وأتخيل ماذا لو تسرعت في قراري واعتبرت نفسي مخوّلة بما فيه الكفاية للحديث وأخبرتها بأنها تعاني من ورم خبيث في مراحل متقدمة؟ وكأني -في نظرها- أزف لها خبر موتها وأطلب منها أن تتماسك وأن تطمئن! ماذا لو المريضة انهارت ورفضت التحدث لطبيبها وذهبت لمنزلها واعتبرت أن هذه آخر أيامها؟ ماذا لو سألتني عن مدى سوء الورم؟ عن عملية الاستئصال؟ عن تكاليف العلاج؟ وعن عائلتها ومن يرعاهم بعدها؟أسئلة كثيرة لديها، ولا إجابة لدي. 

إن العلم والإنسانية في الطبيب يجب أن يكونا في اتزان وفي انسياب، لا أن يطغى أحدهما على الآخر.. 
مثلما يجب عليك كطالب طب الآن أن تجتهد وتجمع أكبر حصيلة علمية لك، يجب عليك أن تتعلم كيف تكون طيّب الكلمة وحَسُن الخلق والأخلاق. لا نريد أطباء بعقولهم فقط، نريد أطباء بعقولهم يعالجوننا، وبقلوبهم وكلمتهم الطيبة يطببون روحنا ويقربونا من الله أكثر. 
نريد الطبيب الإنسان! ❤️



ملاك المرغوب 
الجمعة، ٢١ نوفمبر ٢٠١٤م 
٨:٢٠ مساء

1 comment:

  1. الله الله هوا ده الكلام الله يسعدك يشيخه وويوفقك يارب

    ReplyDelete