مدخل/
وأنت تمشي وحيدًا خائفًا في طريق طويل.. قلبك مذعور،
وفكرك مشتّت وقلق.. إذ بك تلمح نجمة تلمع في كبد السماء
فدقّقت النظر ورأيت معها أخريات يشعّون ضوء ملأ السماء كلها
وزيّنها وأنت غافل عنه! فأخذت تفكر مليًا في الحياة حولك محتارًا
ويزيد من حيرتك حيرة صوت أم كلثوم وهي تغنّي
بشجن: أغدًا ألقاك؟ ياخوف فؤادي من غدٍ…
~
عن الليالي الكثيرة التي مضت عليك وكان الأرق فيها ضيفك الثقيل الذي تعدّى قدرتك على إكرامه في الضيافة!
عن الآهات التي كتمتها أمام الناس لأنك مللت من أسئلتهم التي تتكرّر ومن أجوبتك التي لا تتغيّر..
عن الأحداث الكثيرة والسريعة التي تحدث من حولك فتجعلك تتساءل: متى يحين دوري؟ متى سأكون أنا محور الحدث؟
في كل مرة يسألونك: متى تتخرج؟ متى تتوظف؟ متى ترتبط؟ متى تنجب أطفالًا؟ متى تغير وظيفتك؟ متى تحصل على ترقية؟ متى تعرف ماذا تريد أن تصبح في هذه الحياة؟ متى ستلحق بالقطار ليأخذك نحو الجانب الآخر؟
ثم تتنهد في داخلك، تحاول أن تتنفس كل الهواء الذي تقدر عليه حتى يملأ رئتيك و تزفره ببطء كي تتنفس الصعداء قليلًا وتمنح نفسك ثوانٍ معدودة تمنعك من الانفجار، ترسم ابتسامة صفراء على شفتيك وتجيبهم: الله أعلم.
وكأن القطار الذي يقصدونه يمنحك تذكرة تنقلك للجنة! وكأن القطار هو الغاية من هذه الحياة وهو المراد والمنى والمنتهى!
متى ستقتنع أن انتظارك للأشياء التي ستحدث ذات يومٍ لا محالة يسلب منك حياتك! يسلب منك الألوان التي تباين رمادية الأشياء من حولك، يسلب منك لمعة عينيك التي تشع كلما حدث أمر يسعدك على حين غفلة -ولم تكن تنتظره- !
متى ستكف عن توجيه هذه الأسئلة لنفسك.. متى ومتى ومتى؟
ستتخرج، ستحصل على وظيفة تحبها وتتقلد فيها أعلى المناصب -إن أردت- وربما ستنشئ شركتك أنت، ستقع في الحب وترتبط بشريك روحك، ستنجب منه أطفالًا تراهم بحجم قبيلة في عينيك! ربما اليوم، ربما غدًا أو بعد غد، أو ربما بعد سنين تعد أو لا تعد. فكفّ عن العد والانتظار من اليوم واستمتع باللحظة!
تعاقب الليل والنهار: حدث تعيشه كل يوم، أليس جديرًا بأن يمنحك بعض السلام؟ إنه أكبر دليل على أن الليل وإن طال فسيعقبه صبحٌ يبدد وحشته وظلمته.. الحزن وإن سكن بالجوار ليالٍ فالفرح سيشتّته ويحول غيمته السوداء لغيمة تحمل مطرًا يغسل كل الحزن الذي استوطن قلبك.. والقطار الذي أرّقك وقضّ النوم من مضجعك إنه في حركة مستمرة للنقل لا يتوقف! إن لم تلحق به اليوم فيوجد دومًا متسع من الوقت له فلا تقلق! وبإمكانك دومًا أن تسلك طريقًا آخر غير طريقه؛ فلا تبتئس وأنت تنتظر تذكرتك.
لا تنتظر الغد وتنسى يومك هذا! أعطِ كل يومٍ حقّه من عمرك وخطّط لغدك. عِش الحياة بتروٍّ، اركض خلف أحلامك وخططك بثباتٍ ولا تستعجلها، توقف عن تأجيل سعادتك للأحداث المهمة -في نظر الناس- لأنك في الأخير ستكتشف أن السعادة الحقيقية تجدها أيضًا في التفاصيل الصغيرة التي ستوصلك لغايتك.
هي حياة واحدة ياصديقي فلا تضيعها وأنت تنتظر!
~
مخرج/
في ذات الطريق الذي كنت تمشي فيه خائفًا، حائرًا، قلِقًا،
تبحث عن أجوبة لأسئلتهم.. سكنت الرهبة التي تملّكتك
وتصاغر الخوف في قلبك واطمئنت روحك وابتسمت من النجوم..
وعلى صوت الست ينطرب قلبك بالغناء وتغني معها..
وغدًا للحاضر الزاهر نحيا ليس إلا.. قد يكون الغيب حلوًا..
إنما الحاضر أحلى!
ملاك المرغوب
جدة-السعودية
السبت
١٢-١١-٢٠١٦
٩:١٢ مساءً
إنما الحاضر أحلى!
ملاك المرغوب
جدة-السعودية
السبت
١٢-١١-٢٠١٦
٩:١٢ مساءً
No comments:
Post a Comment