ترجع إلى المنزل، منهكة، كان يومها متعب وسيء لحدّ ما.. أول كلمة تقولها بعد السلام: فين ماما؟ ثم تشعر بالراحة!
وهي نائمة.. تشعر بأن ثمّة طمأنينة تتسرب شيء فشيء لقلبها.. ثمّة أمانٍ يسكنها دون أن تعرف مصدره.. تحاول أن تفتح عينيها بقوة وتقاوم نومها.. ترى والدتها تصلّي الفجر.. تشعر بأن ثمة ملائكة تحرسها.. تدعو الله بقلبٍ صادق أن يديم أمها لها ولا يحرمها منها..
تبدو الحياة مليئة بالضغوطات، واجبات كثيرة لابد أن تسلمها، محاضرات أكثر لابد أن تدرسها، تشعر بالاحباط يسيطر عليها.. يمنعها من التفكير.. يشلّ حركتها ويدخلها في نوبة هلع.. تأتي أمها تقبّل رأسها بحنان.. تمسح على جبينها وتقول لها "معليش.. اصبري وكلو حيعدي.. حتقدري تسوي كل شي!" فتصدق أمها وكل شيء يحصل مثلما خططت له..
كل هذا وأكثر.. أمي..
إذا أردت أن أكتب لكِ فاخبريني بالله عليكِ يا أمي كيف أبدأ؟ كيف أطوّع أبجدية لا تحتوي سوى القليل من الحروف والكلمات التي لا تعبر عن الحب كما يجب؟
كيف أقول لكل العالم أني أحب أمي وأنا متأكدة تمامًا بأن كلمة حب قليلة جدًا في حق شعوري لها..!
عن يديكِ التي تمسح جبيني بحنان.. عن عينيكِ التي تدمع كلما بكيت أنا من الألم.. عن عينيكِ التي أرى فيها سعادتي ومبتغاي حينما تكوني سعيدة.. عن غضبك عليّ لأني أسهر كثيرًا.. وعن قلقك عليّ في الصباح لأني لم أنل كفايتي من النوم والراحة.. عن سهركِ في كل اختباراتي ودعائكِ الكثير الذي بدونه لم أكن لأصل هنا.. عن اتصالاتكِ المتكررة حين أكون خارج المنزل.. عن يديكِ التي لطالما احترقت وأنتِ تعدّين لي أكلتي المفضلة..
عن كونكِ ياأمي، أعظم أمًا في الكون!
لكِ سحر غريب..
بيديكِ دائمًا تحوّلين ألمي للا شيء،
وبكلماتكِ دائمًا تحولين غضبي لرضى..
وبوجودكِ في حياتي تحولين هذه الحياة العادية جدًا.. لجنّة..
كبرت ياأمي.. ولكني لم أكبر يومًا على حضنك، على التسلل ليلًا لسريركِ لتدلّليني أنتِ وأبي.. كبرت ياأمي وصرت حينما تبكين أنتِ أود أن أكون أمك أنا.. أود لو أن أملك قوى عظيمة مثلك تحول الحزن لفرح، أود لو أن أمسح على جبينك وأقبله فتصبحين بخير مثلما تفعلي معي.. أود ولو لمرة أن أحنّ عليكِ كما كنتِ ومازلت دائمًا تحنّين عليّ.. كبرت ياأمي وصرت أحتاجك أكثر.. صار مجرد وجودكِ يبعث الأمان في قلبي..
وجودك يجعلني أطمئن وأعرف أنه مهما حدث في الكون من حرب ودمار وظلام..
أنتِ سلامي وأماني ونوري..
أنتِ ترياقي ضد الألم والحزن والحيرة..
أنتِ ومن بعدك الطوفان ياأمي فلا أهتم..
مازلت عند إيماني.. بأن الله حينما خلق الظلام والظلم والألم والقسوة خلق قلبكِ كي يتم التوازن بين الأسود والأبيض!
وأوجد فيكِ الرحمة.. الرحمة التي لا توجد بقلب مخلوقٍ سواكِ، الرحمة التي تجعلكِ تحتملين ألم الموت كي نحيا نحن!
وأودع فيكِ الحب.. الحب الغير مشروط بشيءٍ إلا بالحب! لا ينقص أبدًا بل هو دائمًا في زيادة..
الحب الذي يجعلكِ تقسي علينا كي لا تقسو علينا الحياة.. فتصير حتى قسوتكِ ياأمي: لين ورحمة!
في يوم عيدكِ ماذا أقول؟
أنتِ العيد ياأمي ولاشيء غير العيد أنتِ!
أنتِ الجمال والبهاء والصفاء والكمال والنور والسكينة!
كل عامٍ وأنتِ عيدي وتاريخ ميلادي،
كل عامٍ وأنت أول وأهم وأعظم امرأة في الدنيا،
كل عامٍ وحضنك هو أهم عنوانٍ في حياتي!
خلاصة القول:
ضحكاتكِ: عمري،
وحبك تجاوز حدود كلماتي ولغتي..
أحبّك حتى إشعار آخر..
حتى أجد كلمة أبلغ من أحبك فأكتبها لكِ.
ملاك بنت سامية صدّيق
كُتبت بحب في ليلة عيد الأم٢١-٣-٢٠١٦م 💕
No comments:
Post a Comment