Friday, April 3, 2015

مواقف عميقة في المستشفى | حبيبتيّ، في الجنّة!




في الأمس كنت بصيرًا، واليوم أنا ضرير.. 
في الأمس كانتا حبيبتيّ معي، واليوم إن صبرت على البعد سيعوضني الله بالجنة.. 




يوم عادي آخر، كنا ندرس فيه طب العيون، كان كل شيء ممل وروتيني، محاضرات تتبعها تدريبات على الفحص ثم نذهب لمنازلنا لندرس ويتكرر اليوم مثل سابقه بلا شيء جديد يذكر. 

إلا اليوم! كل شيء اختلف! 

 كنت واقفة مع صديقتي في العيادة لكي نتعلم من الطبيب كيفية الفحص وماإلى ذلك حتى جاء مريض فقد بصره للأسف وكان على الطبيب أن يخبره بذلك، الموقف بحدّ ذاته جعلني أشعر بأن الاوكسجين لا يكفي داخل العيادة! شعرت بضيقٍ في النفس وبحرارة تسري في جسدي، شعرت بدقّات قلبي سريعة جدًا ولوهلة مااستطعت تمالك نفسي وخرجت من العيادة.. 

ذهبت بعيدًا وحدي، جلست في صمتٍ وسكون، أول مرة أكون فيها بهذا الهدوء وبهذه الحالة، استعرضت شريط حياتي أمام عيني وتخيلت لو للحظة كنت فيها مكان المريض وفقدت أنا بصري.. 

هذه أول مرة -والله يسامحني على ذلك- أستشعر فيها نعمة البصر، حمدت الله ألف مرة على نعمه، وأعتقد أني أول مرة أحمده بهذا العمق وبهذه الروحانية وبهذه الحاجة، ولم تكن هذه هي المرة الأخيرة.. 

الحوار الذي حدث بين الطبيب والمريض لا يمكن أن يُمحى من ذاكرتي، لمست ضعف المريض وأمله بأن يسترد بصره ولمست تعامل الطبيب مع الموقف، كيف قوّى إيمانه بالله وكيف في الوقت نفسه لم يتعاطف لدرجة البكاء أو لدرجة التخفيف عنه لحدٍ غير مقبول.. 

أحيانًا موقف يحدث لمريض يجعلك أنت تتغير! يفتح أمام ذهنك آلاف البوابات المغلقة ويجعلك تسأل وتتأمل وتفكر مليًا في كل شيء حولك.. أشياء صغيرة جدًا لا نشعر بعظمتها إلا إن فقدناها، روتين يومك الذي اعتدت عليه وتتذمر منه شخص ما آخر لا يستطيع أن يعيشه مثلك! 

أختم خاطرتي بقول خير الأنام حبيبنا سيدنا ورسولنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم السلام مرويًا عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (إن الله قال: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصير عوضته منهما الجنة -يريد عينيه-) 


*الموقف حدث لصديقتي ميرال أبو الجدايل وكتبته نزولًا عند طلبها، شكرًا لها *  



الجمعة.
٣ ابريل ٢٠١٥م. 
١٠:٠٠ م 

No comments:

Post a Comment